بيوت الشام القديمة والعمارة الدمشقية

بيوت الشام القديمة

" هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟"..هكذا يبدأ الشاعر الدمشقي نزار قباني في وصفه للعمارة الدمشقية، ويتابع: "بيتنا كان تلك القارورة، بوابة صغيرة من الخشب تنفتح ويبدأ الإسراء على الأخضر والأحمر والليلكي، وتبدء سمفونية الضوء والظل والرخام"

أجزاء بيوت الشام القديمة

تتميز بيوت الشام القديمة في عمارتها ويناءها عن العمارات والأبنية الأخرى، وتختلف هندستها المعمارية عن الهندسات المعمارية الأخرى، فلـ العمارة الدمشقية روح متميزة وسحر مختلف لا شبيه له في أي مدينة في العالم. ومن أهم ميزاتها الهندسية:

• تتميز بيوت الشام القديمة بأنها مغلقة بشكل كامل من الخارج.
• يسمى الباب في العمارة الدمشقية ب باب الزقاق، وغالباً ما يكون باباً كبيراً وواسعاً، حيث يتم إدخال أثاث المنزل وأغراضه من هذا الباب فقط.
• بعد أن يدخل الزائر من باب الزقاق في بيوت الشام القديمة، يجد ممراً ضيقاً وهو ما يسمى بالدهليز.
• يؤدي الدهليز في نهايته إلى أرض الديار، وهي الباحة ذات الفسحة السماوية التي تتوسط بيوت الشام القديمة.
• يتمركز في طرف الفناء (أرض الديار) مساحة ذات ثلاثة جدران يعلوها قوس كبير تنفتح على أرض الديار وتسمى الليوان.
• وأول غرفة قريبة من الدهليز هي "القاعة" أو " غرفة المضافة" حيث يتم استقبال الضيوف.
• ومن ثم تتفرع غرف بيوت الشام القديمة وتتعدد بين غرف النوم وغرف الاستقبال، وغرف المعيشة.

نقوشات وزخارف بيوت الشام القديمة

تتميز العمارة الدمشقية بكثر الزخارف الموجودة على جدرانها وأحجارها وأعمدتها وأقواسها وأثاثها، حيث تتداخل زخارف الأرابيسك والنقوش العجمية على جدران القاعات وسقوفها، وغالباً ما يتم نقش أثاث المنزل الخشبي بالمعجون الأعجمي الممزوج من الزنك والجص والاسبيداج والغراء، مما يضفي جمالية رهيبة على البيت الدمشقي بالرغم من كل التعب الذي يستغرقه الفنان الدمشقي بنقش تلك العناصر، بينما تتميز نوافذ بيوت الشام القديمة بألوان الزجاج الشفافة، وهو ما يسمى بالزجاج المعشق المتداخل في النوافذ الزخرفية مما يعطي لوناً شفافاً لطيفاً لزجاج النافذة عند انعكاس أشعة الشمس.

تاريخ العمارة الدمشقية

يرجع تاريخ بيوت الشام القديمة إلى عام 1036 ميلادي، وما يعادل القرنين السابع عشر والثامن عشر، حيث تم بناء العمارة الدمشقية بطريقة تناسب وضع الخصوصية والاستقلال لأهل البيت الدمشقي، كما يراعى تصميم بيوت الشام القديمة موضوع تقلبات الطقس والمناخ، حيث يتغلب تقسيم البيت الدمشقي على التقلبات المناخية من ناحية خفض حرارة أشعة الشمس من خلال الظلال الناتجة عن التجمع حول أرض الديار، وعن طريق ترطيب الهواء من خلال البحرة التي تتوسط أرض الديار، كما تعد الجدران المصنوعة من الأحجار الثقيلة والسميكة عازلاً جيداً للحرارة ويحفظ الغرف من التقلبات المناخية.

مزروعات أرض الديار

ولع الدمشقيون في وضع أحواض الزرع وزراعة الأشجار والشجيرات في فناء أرض الديار في بيوت الشام القديمة، فبالإضافة إلى الألوان الزاهية التي تضيفها إلى المنزل، فإنها تعطي روائح زكية مستدامة تفوح في أرجاء البيت، وكثرت في بيوت الشام القديمة نبتة الياسمين، وأحواض ورد الجوري والزهور العطرة، وأشجار الليمون وأشجار الكباد وأشجار النارنج وشجرة التوت، والعديد من الأشجار والنباتات التي تحافظ على خضرتها خلال فصول السنة ولا تتساقط أوراقها طيلة العام.

أهم بيوت العمارة الدمشقية

ما زالت دمشق تحتفظ بهندسة وعمارة بعض بيوت الشام القديمة دون تحريف او تحديث، حيث تعتبر هذه البيوت من الآثار المهمة والكنوز الدفينة، ومن أهمها:

بيت البارودي، بيت السيروان، بيت بولاد، بيت العظيم، بيت نعسان، بيت الأمير عبد القادر الجزائري، قصر العظم، مكتب عنبر، بيت نظام، بين قباني، بيت مردم بيك.

قام العديد من مالكي بيوت الشام القديمة في إعادة ترميم منازلهم وإعادة كسوتها تناسباً مع التطور المعماري والهندسي في مجال الديكور، كما قام البعض الآخر بتحويل منازلهم الدمشقية القديمة إلى فنادق ومطاعم ومواقع تصوير مسلسلات البيئة الشامية وذلك للاستفادة مادياً من تلك البيوت، ولكن ومع كل الحداثة تبقى بيوت الشام القديمة تراثاً حضارياً يتغنى به أهالي دمشق بكل فخر واعتزاز.