إعدادات
التنقل
  عودة

مخزون الكرك التراثي (المنسف كرك)

ثقافة
رقم: N-h56
مرجع ويب: 2253
تقييم:
تاريخ الإعلان: 2021-11-22
آخر تحديث: 2021-11-22 17:03:31

الموضوع


لا بدّ لكل شخص زار الأردن أنه إما ذاق أو سمع على أقل تقدير بالمنسف الأردني، والمنسف هو طبق الطعام الأكثر تقديراً وشعبية لدى أهل الأردن، يتمتع بمكانة خاصة وسط موائد المناسبات والاستقبالات الهامة، ومن خلال اهتمامهم بتقديم منسف شهيّ غنيّ بأفضل أنواع اللحم واللبن يعبرون عن مدى حفاوتهم وتقديرهم للضيوف.
يشتهر منسف أهل الكرك (المنسف الكركي) بأنه من أشهى المناسف الأردنية وأكثرها عراقة وقدماً أيضاً، وفي هذا المقال سنتحدث بالتفصيل عن تاريخ المنسف وطريقة إعداده وأصول تقديمه.


تاريخ وجذور المنسف:

يعود بنا باحث التراث الغذائي الأردني ابن الكرك الباحث خليل الفراية إلى أن جذور المنسف تبدأ من عصر الملك المؤابي (ميشع) أي قبل الميلاد بنحو 150 عاماً، وهو الملك المؤابي الموحد الذي بنى أسس مدينة الكرك تاريخياً، إذ تقول الرواية التاريخية التي تخص المنسف بأن الملك ميشع أصدر أمراً يلزم فيه مملكة مؤاب كلها بطهي اللحم باللبن، وكل من يرفض تناول هذا الطعام يعتبر من أعداء المملكة.
والتاريخ القديم لمنطقة الأردن وفلسطين يذكر أن الموائد كان يتصدرها دائماً طبق يشبه المنسف في تكوينه، وحتى الكتب المقدسة تذكر مائدة السيد المسيح الذي تحلق حولها تلاميذه الاثني عشر وكان معهم فأصبحوا 13، وملوك الأنباط أيضاً في عصورهم في المنطقة كانوا يقدمون موائدهم العامرة ليتوسطها طبق اللحم واللبن المقدم لكل 13 ضيفاً معاً، وفي حديثنا عن رقم 13 فله دلالة تخص المنسف سنستعرضها لاحقاً في المقال، لكن وجب ذكره هنا للجذور التاريخية له.


مكونات طبق المنسف:

1- خبز الصاج المرقوق ويسميه أهل الكرك (الشراك) ويمدونه في قاع طبق تقديم المنسف.
2- جريش القمح المطبوخ، ويسميه أهل الكرك (العيش) يفردونه بعد طهيه جيداً فوق خبز الشراك، وصار القمح يستبدل حديثاً بالأرز المطبوخ أيضاً.
3- جميد اللبن الممروس، وهو اللبن الذي تنشفه نساء الكرك على الأسطحة ليجف تماماً ويكورونه وفق حجم قبضتي اليد ويحفظ حتى وقت الاستعمال، وعندما يريدون طبخه يضيفون الماء ويغلونه جيداً، وطبعاً رغم أنه في هذه الأيام بات يصنع في المعامل الغذائية أيضاً بتقنيات تجفيف حديثة إلا أن نساء الريف في الكرك مازلن يفضلن الطرق التقليدية المنزلية لصنعه.
4- اللحم، وهو المكون الأفخم للمنسف حيث يطبخ في اللبن الجميد لينضج تماماً، ونذكر هنا أن هذه التقنية هي شعبية لكنها ذكية جداً فحموضة اللبن تساعد في تسريع عمليه طهي اللحم فعلاً، ولحم المنسف كان قديماً من لحم الضأن الطري، ولكن مع الأيام بات يستبدل أحياناً بلحم البقر أو لحم الدجاج وفق الوضع الاقتصادي للعائلة، ولكنه مازال حتى الآن عندما يتم تقديمه لمناسبة هامة أو ضيوف أعزاء جداً يفضلون فيه لحمة الضأن.
5- رأس الذبيحة إن كان اللحم ضاناً، وهو رأس الخروف الصغير الذي تم ذبحه، حيث يطبخه أهل الكرك ويزينون به قمة المنسف لزيادة الكرم والتوجيب، وفي المبالغة التي كانت تقدم للضيافة يزيدون على رأس الذبيحة ما بداخلها من الكبدة والطحال المطهو أيضاً وهذا يعتبرونه قمة الكرم بأن يقدموا لضيوفهم كامل لحومات الذبيحة.
6- السمن البلدي والمكسرات، وهي العملية الأخيرة قبيل تقديم المنسف، حيث تساح السمنة البلدية ويقلى فيها بعض اللوز والصنوبر ثم تفرش فوق كامل مكونات المنسف.


آداب تناول المنسف في المناسبات:

1- قديماً كان المنسف يقدم على طبق واسع من النحاس وله ثلاثة أرجل لترفعه قليلاً عن المائدة، وكان يجب أن تتسع دائرته لتستوعب 13 شخصاً يستطيعون تناول الطعام منه،  ومن هنا كان رقم 13 ثابتاً في تاريخ المنسف.
2- طريقة تناول اللقيمات من المنسف تكون بأن يستعمل الشخص ثلاثة من أصابعه يضمها لتكون ملعقته، وتكون بقذف اللقمة من بين الأصابع للفم فوراً دون دخول الأصابع، وبوضع يده اليسرى خلف ظهره ليفسح المجال للشخص المجاور أيضاً أن يتناول الطعام براحة.
3- يجب على الضيوف الذين يأكلون المنسف أن يجلسوا مواركين أي يجلسون متلاصقين بأوراكهم ليفسحوا المجال لغيرهم، ولا يتناولون الطعام إلا من جزء المنسف الذي أمامهم.
4- يجب على ضيوف مائدة المنسف أن يأكلوا بسرعة تمنح المجال لحلقة أخرى تجلس بعدهم وتأكل أيضاً من المنسف الساخن، وطبعاً الحلقة الأخرى تكون 13 شخصاً أيضاً، وفي هذا الأمر مثل عند أهل الكرك إذ يقولون (كل أكل الضباع وقوم قومة السباع).
5- من المعيب أن يقوم الضيف الذي يتناول من طبق المنسف بلعق أصابعه إلا بعد الانتهاء من الطعام.

 




مواضيع مماثلة

مخزون الكرك التراثي (المع...
ثقافة
مدينة الكرك الأردنية سيدة...
ثقافة
تاريخ مادبا الأردن...
ثقافة
متحف السلط التاريخي (مبنى...
ثقافة

تعليقات