ماهي اسعار الذهب اليوم؟ السؤال الاقتصادي الأكثر تداولاً

ما الذي يجعل من سؤال: ما هي اسعار الذهب اليوم السؤال الأكثر تداولاً بين الأوساط الاقتصادية والاجتماعية على حدّ سواء؟

في عودة تاريخية فقد تعلمنا من آبائنا وأجدادنا أن أي قطعة ذهبية نملكها هي ملاذنا الآمن للأيام الصعبة، وهي خزينتنا القيّمة للمستقبل، وإن كان أحدنا يعمل في التجارة أو الاستثمار فالجميع سينصحه بتحويل أي رأس مال إلى ذهب، وخصوصاً عندما تبدأ أحوال السوق الاقتصادية بالاضطراب أو عدم الاستقرار، مما يجعلنا دائماً نثق بأن اسعار الذهب هي العامل الوحيد المستقر في قيمته الحقيقية.
الذهب معدن غالٍ وثمين منذ آلاف السنين، استخدمه الإنسان في الزينة والحلي والصناعة، ولكن كانت التجارة المجال الذي رفع قيمته العظمى بالتداول بين الناس وصولاً إلى التداول بين كبريات البنوك الدولية. الذهب لم يجد منافساً له في التاريخ فبقي العملة الأكثر قيمة والمعترف بها في العالم.

يُرجع بعض الباحثين الاقتصاديين أهمية وشعبية الذهب إلى عصور مصر القديمة حيث كانت عملاتها ذهبية وكنوزها مليئة بهذا المعدن الثمين. فكل الكنوز القديمة جرار وصناديق ملأى بالذهب! وهذه الصورة وحدها كفيلة بأن ترفع قيمته الشرائية وتجعله مرغوباً على مرّ العصور.

منذ بدء التداول بالدولار الأميركي، كانت العملة تتبع نظاماً يسمى المعيار الذهبي، والذي يعني أنه مقابل كل دولار يتم تداوله يجب تخزين قيمته الذهبية من أجل طباعته، أي إذا تجاوزت كمية طباعة الأوراق النقدية للدولار كمية الذهب في الخزينة سيؤدي ذلك إلى التضخم. أُلغي هذا المعيار عام 1973 وصار النظام الاقتصادي التجاري الحديث ببنوكه ومؤسساته وبورصاته هو المعيار، وأصبحت اسعار الذهب ذات قيمة مستقلة وفق العرض والطلب عليه.

رغم أن المعيار الذهبي لم يعد مفروضاً على الدول إلا أن الدول العظمى ذات الاقتصاد الضخم مازالت تحرص على الاحتفاظ باحتياطي كبير من الذهب! فإلى أي مدى ترتبط اسعار الذهب بالعملات العالمية؟

هناك إجابة رئيسية: الذهب يحدد استقرار العملة!
 
نعم، فمن أجل أن تحافظ العملة النقدية على قيمتها تقوم البنوك بشراء الذهب ليكون الذهب في خزينتها أصلاً مادياً يبرر قيمة أموالها، وبالنسبة للدول التي يرتفع فيها معدل التضخم تشتري الذهب للاحتفاظ باحتياطياتها، كما أن المستثمرين والمتداولين يصبحون أكثر ثقة في استقرار أعمالهم في هذه الدول أو بأموالهم المودعة في البنوك. فالذهب الاحتياطي يعطي الشرعية والأمان بغض النظر عن قيمة عملة الدولة.

أبرز العوامل المؤثرة في اسعار الذهب:

1- تتأثر اسعار الذهب بالتضخم، فعندما تتضخم قيمة عملة أي دولة يقوم المتداولون مباشرة بتحويل قيمتها إلى ذهب وتخزينها لأن سعر الذهب أكثر استقراراً وأماناً وثقة بأنه قيمة مطلوبة دائماً.
2- تتأثر اسعار الذهب بالعرض مثل أي سلعة تجارية أخرى، فإشباع السوق يخفض سعره، وندرة العرض ترفع قيمته.
3- تتأثر اسعار الذهب بالطلب أيضاً، فإذا كانت احتياجات طلب الذهب للتداول أو للصناعة أو للمجوهرات أكثر من المعروض في السوق فسترتفع حتماً اسعار الذهب، وبالمقابل إن كان السوق يضم فائضاً كبيراً من الذهب ستنخفض قيمته.
4- تتأثر اسعار الذهب بقيمة الدولار الأميركي، فقيمة الذهب عالمياً تُسعّر بالدولار الأميركي، وهذا ما يجعل قيمة الدولار المتأرجحة مقابل العملات الدولية المختلفة قد تؤثر بالسلب أو الإيجاب على قيمة الذهب الشرائية.
5- كما تتأثر اسعار الذهب بالأحداث الجيوسياسية، فالذهب معدن عالمي ويمكن للأحداث العالمية أن تؤثر فيه كقيمة معروضة، كما أن الأحداث العالمية الجيوسياسية ستؤثر حتماً في حركة العملة النقدية وبالتالي تتغير قيمة الذهب أيضاً.

وكما رأينا، فرغم أن البعض ينظر إلى الذهب كسلعة شرائية فقط إلا أن قيمته العالمية الحقيقية هي إحدى البُنى الاقتصادية الأساسية التي تقوم عليها الدول فعرضه وشراؤه ليس مجرد طلب وعرض استهلاكي بسيط بل إنه خاضع لرؤوس الأموال العالمية والبنوك والتجار وحكومات الدول.