شواهد التاريخ وكنوزه في متحف ام قيس الأثري

تاريخ متحف ام قيس الأثري:

ام قيس المدينة الخارجة من رحم التاريخ الإنساني القديم، ام قيس جدارا الأثرية، التي ضمها الإغريق إلى مدن ديكابولس العشرة في حلفهم الروماني، عانقت في كل حجر منها أثراً سطرته يد الحضارات الإنسانية المتعاقبة عليها، واحتفظت به شاهداً على تاريخها الطويل.

ام قيس موقع أثري يحظى باهتمام عالمي، بدأت أعمال التنقيب واكتشاف آثار ام قيس بالأساليب والدراسات العلمية للآثار منذ عام 1930، فأولت دائرة الآثار الأردنية جهوداً حثيثة وبمساعدة أشهر مسّاحي الآثار العالميين لإظهار كل ما هو مدفون بين جوانب ام قيس الأثرية.

تأسس متحف ام قيس الأثري عام 1990 في منزل أثري قديم من منازلها الباقية من أواخر العهد العثماني في المنطقة، منذ أكثر من 130 عاماً، بمساحة تزيد عن الألف متر مربع، ويذكر أنه كان مبنى لعائلة آل الروسان، هو مبني على الطراز العربي التقليدي المشهور بفناء رحب يتوسط البناء وتحيطه الغرف المختلفة، تم تأهيل مبنى آل الروسان من قبل دائرة الآثار العامة في المملكة بالتعاون مع المعهد الألماني (المعهد البروتستانتي) ليصبح متحفاً حاضناً لآثار ام قيس النفيسة. ويحظى زوار متحف ام قيس بمتعة خاصة في التجوال بين نوادره الأثرية إضافة إلى أن موقع المبنى يمتعهم بمناظر خلابة تطل على بحيرة طبريا والناصرة في فلسطين ومرتفعات الجولان في سوريا كما يطل على وادي اليرموك وجبل الشيخ.
في عام 2020 تمت عمليات تجديد وصيانة متحف ام قيس الأثري وافتتاحه برعاية دائرة الآثار العامة الأردنية.

مقتنيات متحف ام قيس الأثري:

يضم متحف ام قيس الأثري قاعات عرض متعددة، تحوي القطع الأثرية المختلفة المكتشفة في ام قيس والمنطقة وتنتمي لشتى العصور، منها ما يعود إلى العصر الهلنستي والعصور التالية حتى تصل المعروضات إلى العصر الإسلامي، وتتضمن معروضات متحف ام قيس الأثري ما هو مكتشف داخل القبور القديمة، ومجموعة أوانٍ فخارية وتماثيل بازلتية وكلسية مصرية.

من معروضات متحف ام قيس النفيسة أيضاً مجموعة تماثيل رخامية لآلهة رومانية قديمة مثل تمثال الإله زيوس، وأرتميس، وساتور، كما يضم المتحف عدة لوحات من الفسيفساء ومجموعة مسكوكات. ويضم فناء متحف ام قيس الأثري عدة توابيت قديمة من الحجر البازلتي، وفيه بوابتان من حجر البازلت أيضاً ولوحات فسيفساء.

يحوي متحف ام قيس الأثري النقش الشهير القديم جداً الذي كان محفوراً على شاهد بازلتي لقبر الشاعر والفيلسوف الإغريقي (أرابيوس)، والذي أصبح قولاً متداولاً عند الحديث عن مدينة ام قيس دائماً: (أيها العابر من هنا، كما أنت الآن كنتُ أنا، وكما أنا الآن ستكون أنتَ، فتمتع بالحياة لأنك فان).

من أشهر التماثيل المعروضة في متحف ام قيس تمثال هيرمز أرباخ، وهو تمثال له قاعدة منحوتة من الرخام الأبيض المصقول البلوري، جسد التمثال متهدم في معظمه، الباقي منه يشكل جسد رجل ذي بنية عريضة وقوية يلبس رداء وتشكيل يديه كأنها تخرج شيئاً من داخل الثوب.

كما نشاهد في متحف ام قيس تمثالاُ لجذع أرتيمس التي ترمز لآلهة الخصوبة وتعتبر ابنة الإله زيوس، جسد التمثال من الرخام البلوري الأبيض المصقول، لم يتبق من هيكل التمثال صامداً إلا ما يشكل جذع أرتيمس إلى ركبتيها، ولكن يتميز نقش الرداء للتمثال بأشكاله الهندسية السداسية التي تشبه خلايا النحل الملأى بالعسل، وتشكيلات منحوتة أيضاً على أطراف الرداء تشبه أشكال الأطفال الرضع التي تنظر إلى صدر أمها منتظرة الغذاء.

تمثال الأفعى المعروض في متحف ام قيس الأثري من التماثيل الشهيرة أيضاً، صُنع من حجر الكلس المائل للصفرة، يجسد أفعى ملتوية أربع لويات حلزونية، ولها الكثير من الرموز والدلالات في كافة العصور فهي ترمز للإله زيوس عند اليونانين، وترمز لحياة الأرض عند قدماء المصريين، وهي ترتبط بالأرض العربية في فلسطين وبلاد الشام أيضاً.