حياة نزار قباني ابن دمشق

نزار قباني ابن دمشق

ولد الشاعر السوري نزار قباني في مدينة دمشق في تاريخ الواحد والعشرين من شهر آذار في عام 1923، في حي مئذنة الشحم في دمشق القديمة، وترعرع ضمن أسرة دمشقية قديمة وعريقة، ورث حب الشعر عن أبيه، وكان شغوفاً بفن الرسم أيضاً منذ صغره.

حياته المبكرة في دمشق

عاش الشاعر نزار قباني طفولته المبكرة في بيت دمشقي قديم يزهو بألوان الشجر واحواض الزرع والورود، مما زاد من حبه للألوان وشغفه بالرسم، أمضى طفولته غارقاً بالألوان، مستمعاً للموسيقى متعلماً للعزف، محباً لتعلم الخطّ اليدوي، وأنهى مشوار طفولته الفني عند فن الشعر.

تتلمذ نزار قباني في البداية على يد الشاعر خليل مردم بيك، الذي قام بتعليمه أصول النحو والصرف، معلماً إياه قراءة شعر عمر بن ابي ربيعة، وطرفة العبد، وقيس بن الملوح، وجميل بثينة، ساعياً لتأسيس قاعدته الشعرية الخاصة، كانت فلسفته العشقية الأولى منبثقة عن الأثر العميق الذي صدر عن انتحار أخته وصال، والتي كان يحبها كثيراً، حيث أنها أقدمت على الانتحار بسبب إجبار والدها لها على الزواج من رجل لا تحبه، فعاش نزار أول صراع عرفه في حياته، وهو صراع المرأة لتحقيق كينونتها.

درس نزار قباني وتعلم في مدارس حارات دمشق القديمة، ونجح في الثانوية العامة ومن ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق، وقد كتب أول ديوان شعري له تحت عنوان "قالت لي السمراء" وهو طالب في كلية الحقوق، وقد أثار هذا الديوان الشعري جدلاً واسعاً ضمن شرائح المجتمع ككل نظراً لبعض القصائد التي اعتبرها البعض إباحية في مجتمع محافظ لا يتعدى الخطوط الحمراء التي رسمها الأجداد له، تخرج نزار قباني من كلية الحقوق في عام 1945.

أسرة نزار قباني في دمشق

كان توفيق قباني والد الشاعر نزار قباني ويملك معملاً لإنتاج الملبس والحلويات الشامية، أما جده فهو الرائد المسرحي الكبير أبو خليل القباني، ويقول البعض أن نزار ورث الجرأة وتعدي الخطوط الحمراء المفروضة من المجتمع من جده ذائع الصيت سابقاً، اشتهر توفيق قباني بانتمائه الوطني ومقاومته ضد الاحتلال الفرنسي، أما عن والدته السيدة فايزة آقبيق، فقد كانت هناك علاقة وثيقة تجمع بين نزار قباني ووالدته، وقد وصفها بأشعاره بالكثير من المودة والحنان.

زواج نزار قباني في دمشق

تزوج الشاعر نزار قباني مرتين في حياته، كانت زهراء آقبيق زوجته الأولى وتكون ابنة خاله، وقد أنجب منها طفلين هما هدباء وتوفيق، ولم يستمر زواجهما طويلاً بسبب الغيرة المفرطة التي عانت منها زهراء من معجبات نزار، أما زواجه الثاني فقد كان محض صدفة جمعته مع بلقيس الراوي العراقية، فقد كانت من أشد معجباته وكانت تحضر له أمسية شعرية في بغداد، فأحبها نزار حباً شديداً وتغنى بها أجمل القصائد والأشعار، فتزوجها وأنجب منها عمر وزينب، واستشهدت بلقيس الراوي أثناء حدوث انفجار إرهابي في السفارة العراقية في بيروت أثناء عملها هناك في عام 1982.

آخر أيام حياته ودفنه في دمشق

تنقل نزار قباني خلال حياته بين العديد من البلدان حاملاً شعره صاحباً له، واستقر أخر سنواته في لندن حيث ساءت صحته كثيراً وتردى وضعه الصحي، ونالت منه أزمة قلبية في عمر 75 عاماً، وقد كانت وصيته الأخيرة قبل وفاته أن يتم نقل جثمانه إلى دمشق ليتم دفنه فيها.

نقل جثمان نزار قباني إلى دمشق وتم دفنه في مقبرة باب الصغير الواقعة في دمشق القديمة، كانت جنازته تحمل كافة أطياف الشعب السوري من عامة الشعب والفنانين والسياسيين والمثقفين، حيث حملوا جثمانه إلى الجامع الأموي مشياً على الأقدام حزنين على وفاة رجل وطني جيد السمعة محبوباً من الجميع في موكب شعبي لم تشهد دمشق مثله.

تعرض الشاعر نزار قباني للكثير من الانتقادات في حياته، وقد سعى العديد من أعداءه إلى محاربته بشكل أو بآخر، وقد اتُهم بحبه الكبير للنساء ولقبه البعض بزير النساء، نظراً لشدة وصفه للنساء متجاوزاً القيم الإسلامية التي تربى عليها المجتمع الدمشقي المحافظ.