Jul 06, 2022

جامع ايا صوفيا – الإرث التاريخي والخصائص الفريدة

جامع ايا صوفيا – الإرث التاريخي والخصائص الفريدة | مواضيع نقاش تركيا #3804 - 1  صورة

جامع ايا صوفيا – الإرث التاريخي والخصائص الفريدة

جامع ايا صوفيا رمز أيقوني ينتمي للتراث الإنساني العالمي، ضمّته منظمة اليونيسكو الدولية ليكون من ضمن الآثار البشرية الخالدة ذات السمة الثقافية التي يجب أن يتم الحفاظ عليها وعدم المساس بعناصرها التاريخية، ليبقى معلماً خالداً تتعرف به الأجيال القادمة على جزء باهر من عمارة الإنسان الذي أبدع في تصميم ايا صوفيا وزخرفتها قبل أكثر من ألف وخمسمئة سنة مضت.

جامع ايا صوفيا – رحلة عبر التاريخ الإنساني
تبدأ الحكاية في زمان قديم يعود لسنة خمسمئة واثنان وثلاثين ميلادية، حيث كانت الإمبراطورية البيزنطية في أوج عظمتها وامتدادها، وكان الإمبراطور جوستنيان هو حاكم تلك الفترة، وبإيعاز منه قرر بناء كاتدرائية للعبادة في أحد أكثر المواقع تميزاً وجمالاً على البوسفور، وقام أشهر المهندسين في تلك الحقبة بتصميم الكاتدرائية ايا صوفيا لتكون الأكبر في عصرها والأكثر فرادة وبأعلى قبة ممكنة وفق رغبات الإمبراطور، واستغرق بناء هذا الصرح العظيم سنوات خمس، ليقوم الإمبراطور بالصلاة في كاتدرائية ايا صوفيا لأول مرة سنة خمسمئة وسبع وثلاثين للميلاد.

توالت العصور والحضارات لتتولى الإمبراطورية العثمانية حكم المنطقة بعد تسعمئة سنة على حكم بيزنطة، فأصبحت هذه الأيقونة الدينية المعمارية الباهرة جامع ايا صوفيا في زمن سلطان العثمانيين محمد الفاتح، وأضيف إليها مآذن عالية على زوايا جامع ايا صوفيا.

في عصر الدولة التركية العلمانية تم اعتبار جامع ايا صوفيا رمزاً تاريخياً وخصوصاً بعد أن وضعتها منظمة اليونيسكو ضمن قائمة التراث الإنساني الواجب حفظه ومراعاة خصوصيته ومنع العبث بتفاصيله، فأصبح جامع ايا صوفيا متحفاً، وأحد أجمل المعالم التاريخية التي تستقطب ملايين الزوار سنوياً.

وفي السنوات الأخيرة بين مؤيد ومعارض لفكرة عودة جامع ايا صوفيا لخدمة صلوات المسلمين تم اعتماد القرار النهائي ببقاء جامع ايا صوفيا متحفاً ومزاراً تاريخياً للجميع.

من خلال رحلة ايا صوفيا في العصور والحقب التاريخية المختلفة بقيت صامدة تبرز جمالها وتشيع السلام والوئام في نفوس المسيحيين والمسلمين الذين تعبدوا داخلها، كما أنها مازالت تحتفظ بسحرها الخاص لتنشره عبقاً روحياً لكل من يزور ايا صوفيا اليوم ويتأمل بدائع الإنسان وشغفه القديم في وضع أجمل ما يملكه من فنّ وابتكار لمعبد ديني ملهم ومؤثر.

جامع ايا صوفيا – الخصائص الفريدة
- أولى وأهم خصائص جامع ايا صوفيا هي فرادتها المعمارية التي جعلتها الأكثر إذهالاً في عصرها، بدءاً من القبة الدائرية المبتكرة لـ ايا صوفيا المطلية بمعدن الرصاص للحماية، والعمل على ارتفاعها الشاهق بمواد لم تكن مؤهلة لمثل هذا الانجاز في ذلك الزمن، فأسسوا لها قاعدة مربعة يتخللها نوافذ ودعامات معدنية متينة.

- خاصية فنية أخرى تبرز جمال جامع ايا صوفيا منذ بنائه وهي الزخرفة الداخلية البديعة لـ ايا صوفيا، لقد تم تسخير كل المواد الفاخرة للبناء والزخرفة في عهد بيزنطة لزخرفة ايا صوفيا، فمعظم جدرانها من أفخم أنواع الرخام الطبيعي والأحجار المنحوتة والعواميد المزخرفة، كما أن سقف ايا صوفيا مزين بلوحات طبيعية ودينية من فسيفساء الأحجار الملونة الطبيعية ومن الفرسكو، وأضيف إليها الزخرفة الإسلامية مع أجمل العبارات الدينية بالخط العربي الفني الجميل.

- العناصر البديعة في جامع ايا صوفيا الباقية اليوم تنبئ بمدى عظمتها في الأمس، فمازال رواق الإمبراطور بسقفه المدور شاهداً على روائع فن الرسم والزخرفة على الأسقف والجدران، وكذلك القبة العليا التي تعرضت في زمن سابق للتهدم تم ترميمها بنفس مواد بنائها وتدعيمها لتضل شامخة وجديدة كأنها ارتفعت بالأمس القريب، وكذلك المآذن التي ارتفعت على زوايا جامع ايا صوفيا بالحجارة الضخمة والعلو الشاهق، حتى التدعيم الحجري الذي يحيط بأجزاء من الجدران الخارجية لـ ايا صوفيا يظهر وكأنه اليوم جزء من تكوينها الخاص.

- في زمن آل عثمان الطويل بُنيت مدافن لبعض السلاطين داخل حرم جامع ايا صوفيا، وهي اليوم مزارات ماتزال تنفح بعبق تاريخها القديم بعمرانها وزخارفها الإسلامية البديعة.

- تميز جامع ايا صوفيا بأنه ضم أحد أضخم الحمامات العثمانية في زمن السلطان سليمان القانوني، وبعد مرور الكثير من الزمن عليه تم تجديده ليبقى مثلما صُمم على هيئته الأولى، وهو الآن مزار مفضل للسياح ويمكنهم الدخول إليه والتمتع بتجربة مثيرة لحمام تركي وسط هذا المكان الأثري بكافة تفاصيله وطقوسه.