جمال وتعدد الفنون في الكويت قديما

إن الموقع الجغرافي الذي تشغله الكويت قديما في منطقة الخليج العربي , كان له دورا كبيرا في أن جعل الكويت قديما تتأثر بحضارات المنطقة القديمة , كذلك حضارات وادي السند ووادي الرافدين , فضلا عن حضارة بلاد الشام ومرورها بالحضارة الكنعانية بالإضافة للحضارة في اليمن القديمة وحضارة دلمون ,وأخيرها الحضارة الحبشية الافريقية .

وكانت تعتبر جزيرة فيلكا من المراكز بالغة الأهمية في أقصى شمال الخليج , وخاصة بعد اكتشاف الآثار الموجودة فيها ذات التنوع والثراء حيث تحوي على أشكال ورسوم لأشخاص وطيور ونباتات وحيوانات وكذلك نقوشا بينت المستوى الجمالي والفني لأهل المنطقة .

قبل كل ذلك كانت الكويت قديما من الدول السباقة من حيث اهتمامها بالفنون , بسبب الوعي العلمي والحماس الوطني لتراثها الشعبي الأصيل من قبل أهلها , ونتيجة لذلك تم إنشاء أول مركز لرعاية الفنون الشعبية سنة 1956 بفضل حمد عيسى الرجيب , وفي نفس السياق تم تأسيس مشروع ثقافي عام 1979 من قبل الكويتيين يسمى " بيت السدو " لحماية التراث البدوي وخاصة حرفة الحياكة والمنسوجات الصوفية من أن تندثر .

علاوة على ذلك كانت تتميز الكويت قديما بحرف وصناعات شعبية وفنية يعمل بها الأهالي دون استثناء ونذكر ما يلي :

أولا ( عمارة السفن ونجارة الخشب ) الكويت قديما تعتبر من أبرز الصناعات والحرف التي تعبر عن خبرة فنية ومهارة متوارثة عبر الأجيال مارسها أهل الكويت منذ زمن أجدادنا , حيث كانوا على دراية كبيرة بشؤون البحر والجغرافيا والموانئ والمدن , فكان البحر عماد حياتهم الاقتصادية وركيزتهم الأولى لجلب رزقهم وقوتهم , بالتالي تمتعوا بسمعة حسنة وصادقة بسبب جودة عملهم .

ثانيا (الأبواب الكويتية ) تعد من أبرز المعالم التي تزيين المنازل الكويتية قديما , كانت الأبواب تتكون من ألواح رأسية سميكة ويربط بعضها البعض من الاخل عوارض أفقية .

يجدر بنا ذكر أشهر النجارين في الكويت قديما (الحاج عبدالله الطاروش , الحاج بن صور ,عبدالله النصيب ) و قد عرف عنهم انهم فنانين في ادق النقوش على الخشب.

الأهم من ذلك كله (فن العمارة) الذي اشتهرت به الكويت قديما حيث ذكر المعماري (سابا جورج شير) أن البيوت في الكويت قديما كانت تبنى بشكل محكم ومتراص وتحوي على فتحات تسمح بدخول هواء البحر النقي , وكانت البيوت متقاربة من بعضها البعض حتى تؤمن الوقاية من العواصف الرملية والتغيرات المناخية .

تتميز العمارة في الكويت قديما أنها تعكس البيئة الكويتية بشكل صادق وواضح فهي ثمرة تفاعلات اقتصادية ودينية واجتماعية ومناخية بطبيعة الحال , وكان همها الأول راحة الانسان وحفاظها على العادات والتقاليد الموروثة فضلا عن ذلك كانت روح التعاون واضحة في العمارة ,فكان الأهالي يتعاونون عند تشييد منزل أو مسجد ويشكلونه بالزخارف.

لم تقتصر الفنون وإبداعها في الكويت قديما على رجالها فقط , أيضا كان للنساء دور واضح وبارز في هذه الفنون ,فأبدعت المرأة الكويتية في فن الغزل والنسيج وحياكة الصوف حيث كان من الحرف الرئيسية وأقدمها في بادية الكويت , وقد ارتبطت بالبيئة الصحراوية ونمط المعيشة فيها.

ونتيجة لذلك برزت خياطة الأزياء الشعبية من قبل النساء ذوي المهارة والتدريب , فيقومون النسوة بتطريز الثوب الكويتي ذات الرقة والشفافية بخيوط ذهبية أو فضية ويزين الثوب بزخارف متنوعة وجميلة .

تلخيصا يعد التراث الشعبي مجالا خصبا وحيا للإبداع الفني الأكثر صدقا وجمالا, إذ له دور فعال في صقل المواهب الفنية الكامنة للوصول لهوية وطنية تشكيلية للمجتمع الموجود به وعلى جذوره العميقة شكلا ومضمونا.