إعدادات
التنقل
  عودة

التاريخ ينطلق من الكرك في رواية المؤابي

كتب
رقم: jo-30
مرجع ويب: 1649
تقييم:
تاريخ الإعلان: 2021-10-18
آخر تحديث: 2021-10-21 01:37:28

الموضوع


صدرت رواية (المؤابي) للكاتب الروائي الأردني ابن محافظة الكرك سامر حيدر المجالي، عن دار (الآن ناشرون وموزعون) العام المنصرم 2020، لتكون رواية تاريخية متخيلة تتناول مرحلة هامة من تاريخ منطقة الكرك جنوب المملكة الأردنية، حيث يرسم الكاتب المجالي بخطوط عريضة أبرز الأحداث الحرجة والمضطربة في الكرك وفي المنطقة العربية الثائرة بين عام 1900 و1920.
أحداث الرواية الرئيسية مفاصل هامة حدثت بالفعل في منطقة الكرك، ونسج الكاتب المجالي حول هذه المفاصل الرئيسية جسد الرواية بنبض شخصيات حقيقية عاشت وأثرت في تاريخ الكرك، إضافة لأنه استلهم تفاصيل الحبكة وبقية عناصر روايته مما سمعه من أهله وأجداده في الكرك، وخاصة عن أحداث ثورة الكرك 1910 التي ماتزال حية في نفوس أهل المنطقة، فهي ماتزال تروى في المجالس الشعبية والثقافية والسياسية حتى الآن.
انطلقت رواية المؤابي من مدينة الكرك لتبدأ أحداثها متتالية حتى تصل دمشق وإسطنبول، وبدءاً من اسمها المحمّل بالسمة القديمة الغارقة في تاريخ الكرك الإنساني (المؤابية)، حيث يرجع تاريخ الكرك إلى زمن المؤابيين الذي ينسب لهم بناء قلعتها التاريخية، فترسم السمة المؤابية لبيئة الرواية ملامحها العشائرية المتوارثة، وطبيعة علاقتها الخاصة بمحيطها العربي وعلاقتها مع الحكم العثماني الذي كان مسيطراً على المنطقة آنذاك، واستطاع الكاتب المجالي أن يبرز هذه البيئة بكل ملامحها ووعي أهلها وطموحاتهم وتأثيرهم في تطور الأحداث المتصاعدة الثائرة على السلطة العثمانية، كما استطاع الكاتب بكل ذكاء وخفة روائية محبكة أن يخط مسارات شخوص روايته وفقاً لما كانوا عليه فعلاً في تلك المرحلة، فمنهم من كان موالٍ للحكم العثماني وراضٍ بسيطرته، وآخرون ثاروا وأثروا في الثورة الكبرى.
في رواية المؤابي يظهر التاريخ بشكله الطبيعي رغم التفاصيل المتخيلة، فالكاتب لم يحكم على شخوص روايته ولم يفرزهم ملائكة أو شياطين، ولم يرسم شخصيات لأبطال خارقين أو مثاليين، شخصيات الرواية بشر حقيقيون يبرز الكاتب إيجابياتهم وسلبياتهم على السواء. وبأسلوب تعدد الأصوات داخل الرواية فتح الكاتب مجالاً لترسم كل شخصية فيها رأيها ونظرتها إلى الأحداث، فتعددت زوايا الرؤية وأدخلت القارئ في جو حقيقي من وجهات النظر والآراء البشرية المتضاربة على أي أحداث مهما تغير الزمان.
تناول الكاتب المجالي في رواية المؤابي أبرز الأحداث في ذلك الزمن، فظهرت ثورة (الهية) الكرك، ثورة حوران، صراع الحكم في مركز الدولة العثمانية، حملة جمال السفاح في الإعدام، حركة القوميين العرب، أحداث الثورة العربية الكبرى، ليختم روايته في أحداث معركة ميسلون على لسان شهيد يكتب رسالة إلى والده منها.
إضافة إلى أن الكاتب المجالي استطاع أن يحلل أنواع ودور الزعامات الكثيرة التي أثرت في أحداث تلك الفترة، في منطقة الكرك وفي مناطق الأحداث الأخرى، فتحدث عن الزعامة المتوارثة في العائلات، وعن الزعامة التي ظهرت وفق الظروف المستجدة، وعن الزعامة الفتية الناشئة، وحتى عن الزعامة النسائية المؤثرة. وأظهر الكاتب خصائص وشكل الزعامات سواء العشائرية البدوية أو الحضرية المتمدنة أو التي تأخذ السمتين معاً شكلاً لها.
لن ندخل في تفاصيل الرواية لأنها ستكون متعة خاصة لمن يقرأها، لكن نذكر أن النقد الأدبي احتفى بالرواية فور صدورها، فهي رواية عميقة، تحفّز التفكير نحو الماضي ونحو الحاضر على حدّ سواء، خطها الكاتب سامر المجالي بحرف أنيق وجميل وسرد مشوّق وممتع، استطاع رسم خطوط روايته بهندسة متقنة على مستوى هيكل الرواية والهندسة اللغوية لها، فالكاتب سامر المجالي هو في الأصل مهندس بارع، وجاء إبداعه الروائي متمماً لمواهبه المتعددة.
 
وفي لمحة سريعة عن مؤلف الرواية الكاتب سامر حيدر المجالي:
هو مهندس مدني
حاصل على درجة الماجستير في إدارة الاعمال من الجامعة البريطانية (نورثامبتون)
باحث في مجال الفلسفة والتصوف والدراسات الإسلامية
خبير في مجال التحرير اللغوي وتطوير المحتوى
مؤلفاته: كتاب (شياطين في حضرة الملكوت)، نصوص (أكمام الحب والغضب)، (نصوص عرفانية وفلسفية)، رواية (المؤابي)، وكتاب (مع الحياة، نظرات في صفاتها وأسرارها) الذي صدر مؤخراً.    


 




مواضيع مماثلة

ذاك المكان..مادبا..نقوش ع...
كتب

تعليقات